كيف تعطي اموالك بسعاده للمحتالين

كيف تعطي اموالك بسعاده للمحتالين

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

كيف تعطي اموالك بسعاده للمحتالين 

في اواخر التسعينات كنت قد التحقت بالعمل في احدي الشركات الحكوميه حيث كنت يافعا،  وكانت الاجور ضعيفه جدا بالنسبه لغالبيه الموظفين وكان في ذلك التوقيت يوجد موظف يسمي  بالصراف وهو الموظف الذ يقوم بصرف الرواتب للموظفين والذي تم استبداله حاليا بمكاينات ATM  ، وكان الرجل الذي يقوم بهذا الدور ( كما بدي لي علي الاقل ) في منتهي  الادب والكياسه و الخلق الرفيع 

كان من هؤلاء  الاشخاص الذين تحبهم من اللقاء الاول  وتثق بهم في اللقاء الثاني ...

لم تمض عده اشهر حتي صادف انه في احدي المناسبات وكانت عيد الاضحي المبارك حيث كانت تصرف لنا من الشركه بعض الحوافز بمناسبه العيد ولضيق حال الموظفين الدائم كان بعضهم يذهب الي العمل يوم الصرف وليس معه حتي ثمن المواصلات معتمدا علي ما سيتم صرفه له من حوافز ،  وفي ذلك اليوم تحديدا وجميع الموظفين في الاداره التي اعمل بها في انتظار العم (عادل الصراف ) والكل مترقب وصوله لصرف اموالهم ودفع ما عليهم من التزامات ...... تاخر العم عادل حتي اذن لصلاه الظهر …. بدا الكل يتسائل .....لعله تاخر في البنك ....لعله استلم الشيك من الاداره المختصه متاخرا ........لعله مريض ......واخذ الوقت يمر ولم ياتي العم عادل ولم اره ثانيا منذ ذلك الحين 

لم يكن استيلاء الصراف الطيب علي اموال الشركه والموظفين وهروبه وعائلته الي ايطاليا  هو الحدث الابرز في هذه الواقعه ولكن تبين فيما بعد انه قد قام بالنصب والاستيلاء علي اموال الكثير من موظفي الشركه بمختلف الادارات بحجه انه بقوم بتوظيف اموالهم مع بعض التجار  شركائه ولم يقف الامر علي هذا الحد بل ان الكثير من معارفه من التجار  قد وقعوا في شراكه ابضا والذين وثقوا فيه بحجه انه ثقه ومضمون بحكم انه موظف حكومي  ولانه كان ياخذ منهم الاموال و يرتب لهم ارباحا شهريه بنسب مئويه ضخمه وكان منتظم السداد حتي وقت قريب من هروبه الكبير 

ربما كانت تلك الواقعه هي التعارف الاول بيني وبين  نموذج النصب القياسي الذي يسمي (Ponzi Scheme) او مخطط بونزي الاحتيالي وقد سمي بهذا الاسم لان اول من استخدمه  كان رجل اعمال امريكي من اصل ايطالي يسمي تشارلز بونزي 

والذي استطاع ان يستولي علي مليارات الدولارات في مطلع القرن العشرين عن طريق وعد المستثمرين لديه بارباح تصل الي 50% من استثماراتهم خلال 45 يوما فقط  من الايداع وقصه تشارلز بونزي اشهر من ان تروي  تفاصيلها في هذا المقال ولكن الغريب في الامر ان هذا المخطط الهرمي الاحتيالي  رغم شهرته وكثره ضحاياه حول العالم بمختلف  المسميات والاشكال  الا انه ينجح في كل مره بشكل مدهش وهو من انجح خطط الاحتيال واشهرها علي الاطلاق 

بل انك عندما تنصت الي قصص ضحايا هذا المخطط تكاد تجزم ان هؤلاء القوم ليس لديهم مثقال ذره من عقل علي الرغم من ان بعضهم اساتذه في الجامعات واطباء ومهندسين وتجار ومهنيين وعلي قدر عالي من العلم والثقافه ولكن الغريب ان ضحايا المخطط غالبا ما يكونون من جميع فئات المجتمع بل بعضهم ينتمي الي مؤسسات حقوقيه وقضائيه ....فكيف يقع هؤلاء في شراك هؤلاء المحتالين 

غياب العقل وسيطره العواطف 

غالبا ما يكون هذا النوع من المحتالين من انجح الناس اجتماعيا  فهو يتمتع بشبكه علاقات اجتماعيه كبيره وهي تمثل النواه الاولي التي يبني عليها شبكته الهرميه الاحتياليه وغالبا ما تمثل هذه الدائره الاجتماعيه راس الهرم المقلوب الذي يبنيه المحتال في هذا النموذج بكل صبر وجلد ، وغالبا ما يكون لهذا المحتال نشاط تجاري ظاهر كان يكون تاجر او صاجب شركه صغيره او حتي تاجر ماشيه او اعلاف 

وذلك لان تلك التجاره هي المبرر او الفكره التي يعتمد عليها المحتال في الاستحواذ علي اموال ضحاياه فهو يظهر بمظهر التاجر الذي يحقق ارباحا كبيره وهو الشخص الموثوق  الذي يعطي ارباحا طائله لكل المودعين لديه وهنا ياتي دور راس الهرم او دائره معارفه الاولي والتي تكون هي اولي ضحاياه ولكن في نفس الوقت هي اقل هؤلاء الضحايا تضررا  واكثرهم استفاده ، لان هذه الدائره الاولي من المعارف والاهل والاقارب هم اول المستثمرين لديه والذين غالبا ما يتسلمون ارباحهم بانتظام ولمده طويله شهور واحيانا سنوات وهم الذين بقومون لا شعوريا بمعمليه التسويق للمحتال وتغذيته بضحايا جدد ولان المخطط هو عباره عن هرب مقلوب فمع كل عمليه صرف للارباح ياتي ضحايا جدد وكل ضحيه تاتي بمعارفها واقاربها وعندما تكون الارباح حاضره يغيب العقل ويختفي المنطق الذي يقول ان ما من تجاره مشروحه حتي وغير مشروعه تاتي بارباح 50% كل شهر وما من تجاره تاتي بارباح ثابته منتظمه كل شهر اصلا بصرف النظر عن النسبه المئويه 

لكن دائما وابدا  في مثل هذه المخططات يكون الطمع هو المحرك الاول للضحيه الذي غالبا ما يبدا بمبلغ صغير ثم يزيد في المبلغ الي ان يقوم بايداع تحويشه العمر بل ان البعض يقوم ببيع جزء من اصوله او اقتراض اموال من البنوك واعطائها للمستريح او المحتال 

بل انه يقوم بضمان مجاني للمحتال عند اقاربه واصدقائه فيقومون بايداع اموالهم ايضا بنفس الوتيره والطريقه الا ان تاتي اللحظه الفاصله التي يختفي فيها هذا المحتال باموال المودعين كما فعل عم عادل تماما وغالبا ما يكون اخر الضحايا هو الاكثر عددا والاضخم خساره 

image about كيف تعطي اموالك بسعاده للمحتالين

ولكن في حقيقه الامر ان بعض هؤلاء المحتالين يكون في بدايه المخطط ينتوي المتاجره باموال المودعين فعليا وليس في نيته الاضرار بهم او الاستيلاء علي اموالهم ولكن لغياب التخطيط وفشل الاداره ينقلب من مستثمر باموال الغير الي محتال لان عجزه عن سداد اموال الناس او اعطائهم ارباحهم يدفعه الي قبول المزيد من الضحايا والاموال الي ان تاتي لحظه الانهيار الحتميه ولكن هذا النوع من المحتالين غالبا ما ينتهي به الامر خلف القضبان لانه لم يكن منذ البدايه يمتلك خطه احتيال محكمه وهنا يبرز دور التخطيط  كاساس للنجاح  في كل شيء حتي في عمليات النصب والاحتيال 

الغريب والعجيب ان الامر ينجح في كل مره حتي انك لو بحثت في دوائر معارفك الان لربما تجد احد هؤلاء الضحايا او تجد احدهم لا يزال في طور الارباح ونشوه المكسب السريع سائرا مغمض العينين نحو النهايه المحتومه و البئر السحيق ومن يدري لربما تكون انت الضحيه وانت لا تدري .......من يدري 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Hakim el masry تقييم 0 من 5.
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.