من شركة صغيرة إلى "الظل الحاكم" كيف أصبحت بلاك روك تتحكم في النظام المالي العالمي؟

من شركة صغيرة إلى "الظل الحاكم" كيف أصبحت بلاك روك تتحكم في النظام المالي العالمي؟

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

 BlackRock: The Shadow Power– السلطة الخفية التي تحكم المال العالمي

حين تسمع عن الشركات الكبرى التي تدير مليارات الدولارات، قد تظن أن البنك المركزي الأمريكي أو صندوق النقد هما اللاعبان الأكبر في الساحة المالية. لكن الحقيقة أن هناك كيانًا آخر يتفوق على الجميع في النفوذ والتأثير: شركة بلاك روك (BlackRock)، الشركة التي أصبحت اليد الخفية التي تحرّك النظام المالي العالمي دون أن تظهر في الواجهة.

تأسست بلاك روك عام 1988 على يد رجل الأعمال “لاري فينكimage about من شركة صغيرة إلى
، بهدف بسيط في بدايته: إدارة الأصول لصالح المستثمرين بطريقة آمنة ومستقرة. ولكن خلال ثلاثة عقود فقط، تحولت الشركة إلى أكبر مدير أصول في العالم بإجمالي يتجاوز 9 تريليونات دولار تحت إدارتها. أموال صناديق التقاعد، وشركات التأمين، والبنوك، وحتى الحكومات، تمر من خلال شبكتها المالية المعقدة.

السر وراء قوة بلاك روك ليس فقط حجم الأموال التي تديرها، بل أيضًا التكنولوجيا التي تعتمد عليها. فالشركة تمتلك نظام تحليل ضخم يُعرف باسم Aladdin، وهو عبارة عن منصة ذكاء اصطناعي تتابع الأسواق المالية حول العالم لحظة بلحظة، وتقوم باتخاذ قرارات استثمارية بناءً على بيانات دقيقة وتحليلات عميقة. هذا النظام يُستخدم اليوم من قِبل مئات المؤسسات المالية الكبرى، ما يمنح بلاك روك نظرة شبه كاملة على الاقتصاد العالمي.

ومع مرور الوقت، توسع نفوذ الشركة إلى درجة أن بعض المحللين أطلقوا عليها “الحكومة المالية غير الرسمية للعالم”. فهي تمتلك حصصًا ضخمة في شركات التكنولوجيا الكبرى مثل (آبل، أمازون، جوجل، ومايكروسوفت )، إلى جانب شركات الطاقة والعقارات والبنوك. أي أن بلاك روك أصبحت موجودة في قلب كل قطاع اقتصادي مؤثر.

في الأزمات، تلجأ الحكومات إليها للمشورة أو لإدارة برامج إنقاذ مالي ضخمة، مثلما حدث بعد الأزمة المالية عام 2008 و2020 أثناء جائحة كورونا. هذا الدور جعل الشركة تمسك بخيوط حساسة في توازن الاقتصاد الدولي.

الكثير من المتابعين يصفونها بأنها “الكيان الذي لا يُنتخب لكنه يملك القرار”، فهي لا تخضع لأي نظام انتخابي أو رقابي، ومع ذلك تؤثر على القرارات الاقتصادية التي تمس حياة الملايين حول العالم. وهذا ما جعل بعض الباحثين يطالبون بمزيد من الشفافية والرقابة على أعمالها.

في المقابل، يرى مؤيدو بلاك روك أن نجاحها ليس مؤامرة، بل نتيجة إدارة ذكية وتخطيط طويل المدى، وأنها ساعدت بالفعل في استقرار الأسواق في أوقات الأزمات. فبفضل حجمها وخبرتها، تمكنت من دعم حكومات وشركات كانت على وشك الانهيار.

لكن هذا النفوذ الضخم أثار أيضًا الجدل والانتقادات. فالبعض يرى أن الشركة تملك قوة غير خاضعة للمساءلة، وأنها قادرة على توجيه السياسات الاقتصادية العالمية بما يخدم مصالحها الخاصة أو مصالح كبار المستثمرين. وهناك من يعتبرها رمزًا لتحول الرأسمالية الحديثة إلى نظام تتركز فيه الثروة والسلطة في أيدي قلة محدودة.

ورغم أن بلاك روك ترفع شعار “نستثمر لمستقبل أفضل”، فإن حجم سيطرتها يثير تساؤلات لا تنتهي: هل هي تسعى فعلًا إلى بناء نظام مالي أكثر استقرارًا؟ أم أنها تبني إمبراطوريتها الخاصة خلف ستار من البيانات والقرارات الاستثمارية؟

في النهاية، تظل بلاك روك تجسيدًا حيًا لكيف يمكن للمال أن يتحول من وسيلة للنمو إلى أداة للهيمنة. ومع استمرار تمددها في كل ركن من أركان الاقتصاد، يبدو أن السؤال الأكبر اليوم هو:
هل نعيش في عالم تحكمه الحكومات… أم الشركات العملاقة؟

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة
-