النوعية في الخدمة المصرفية وفق اعتبارات التجارة الإلكترونية
نمو الطلب على الخدمات
الخدمات باتت من المظاهر المهمة جداً في أي من بلدان العالم ، وما تعطى لها من أهمية قد تفوق أية اهتمامات أخرى في القطاع الإقتصادي ، فقد خصصت 90% من الـ 7ر2 مليون وظيفة سنوياً لقطاع الخدمات ، بالاضافة إلى ذلك فإن أكثر من نصف الناتج القومي الأمريكي يتأتى حالياً من قطاع الخدمات ، والخدمات شكلت 777ر3 تريليون دولار سنة 1995 والتي زادت أكثر من 200% منذ سنة 1980 ، يضاف إلى ذلك أنها تمثل حيزاً بارزاً في التجارة الدولية ، وبواقع 200 بليون دولار سنة 1995 ، والتي جاءت بالوتبة الأولى بين الصادرات المختلفة.(Berkowitz, 1997, p.346)
لقد نمت التجارة الإلكترونية والتي بدأت بنهاية الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن الماضي على نحو متصاعد ، كما أنها أخذت تتقدم بخطى سريعة في كل من أوربا وأمريكا إلى درجة أنها تتضاعف كل 3-4 أشهر وتنمو بمعدل 140% سنوياُ ، فبعد أن كانت قيمتها بحدود 6 بلايين دولار سنة 1996 بلغ حجمها في غضون عامين إلى 700 بليون دولار في العالم ككل ، ومن المتوقع أن يصل حجمها إلى تريلون دولار سنة 2003 و 5 تريليون دولار سنة 2010. وهذا أيضاً انعكس على العديد من الدول في إعادة النظر فغي تجارتها ، فالصادرات الأمريكية سنة 1998 من الطائرات كانت 33 بليون دولار في حين بلغت الصادرات من الصناعات المعلوماتية 62 بليون دولار أي الضعف ، وبلغت الصادرات من البرامج والأنظمة الالكترونية 5ر2 بليون دولار. (الصطوف ، 2002 ، 3 ).
ومن دون ريب فإن هذا التنامي يفترض أن يقترن بطلب يوازي المخرجات المتحققة من هذه التقنيات ، وأن المنظمات الخدمية يفترض أن تكون الرائدة في استخدام التقنيات هذه من جهة ، وأن القطاع المصرفي هو السباق لاقتناء واستخدام هذه التقنيات.
من طرف آخر فإن ما ورد حول النوعية في الخدمات المصرفية تنصب أساساً على اعتبارات مكانية تتبعها أخرى زمانية في كيفية تأدية الخدمات هذه ، وأن المفاهيم الحالية المنصبة على النوعية قد أخذت تسير في اتجاهات أخرى مرافقة للتغيرات التكنولوجية وما شهدته التجارة الالكترونية حالياً من تطورات نوعية .
فالخدمات المصرفية تباينت صفاتها وخصائصها بحكم التطور الحاصل في استخدام التقنيات هذه ، ومن الصعب الحكم على الخدمات وفق منظور تقليدي ، عليه فإن السمات الأساسية للخدمات المصرفية ووفق التغيرات الطارئة على البيئة تتسم بالآتي:
1.منتجات غير ملموسة: وهي السمة الأساسية التي تتصف بها الخدمات بعامة – كما أشرنا آنفاً- فهذه الصفة تكمن في أن ما يقدم من خدمات في المصارف فإن الزبون لا يمكنه من لمسها أو حملها أو خزنها أو تلمسها ، أي أن كل ما يدخل بصفة اللاملموسية ينعكس على هذه الخدمة. هذه الصفة تبين أن الخدمات المصرفية تنتج وتستهلك على نحو مباشر ، فهي لا تظهر ولا
يمكن بيعها أو الاستفادة منها إلا عند حضور الزبون أو طلبه لها ، ولكن هذه ليست بالقاعدة في الوقت الحاضرأو قد لا يعلم الزبون عن واقع هذه الخدمة ما يستدعي الأمر في طلب حقائق ومعلومات كفيلة بإعطاء صورة واضحة عن الخدمة المصرفية.
2.عدم تجزئة الخدمة (التلازم): الخدمة المصرفية شأنها شأن الخدمات الأخرى فإنها تتصف بعدم التجزئة ، إذ يفترض أن تستغل أو أن تنجز على نحو متكامل دون نقص في أي طرف من أطرافها ، سعياً لتحقيق المنفعتين: الزمانية والمكانية ما يتطلب الاستعانة بالبيع المباشر للخدمة المصرفية وعن طريق استخدام أكثر الوسائل تطوراً في العالم ، كالبريد والتجارة الالكترونية ، أو استخدام البطاقة الإئتمانية التي تنوع استخدامها وانتشارها عالمياً ، وباتت ظاهرة ملازمة للخدمة المصرفية.
3؛توافق الخدمة المصرفية لنظام التسويق: من طبيعة العمل المصرفي كونه يتصف بالسعة والسرعة في التغيير والتنويع وبالتالي فقد انعكس ذلك على الخدمات المقدمة بشتى صورها وأشكالها والتي جاءت موافقة وملائمة لنظام التسويق السائد حالياً أو المتطور ، فالمعروف أن الأجهزة المصرفية تتباين قدراتها ودرجة تطورها وشموليتها من بيئة لأخرى ومن منطقة لمنطقة ، ومع كل هذا التباين فإن الخدمة المصرفية يمكن أن تتوافق مع الوحدات المصرفية التي تعمل وفق أعلى مستويات العمل يما في ذلك استخدامها للتقنيات الحديثة من آلات ومعدات وبرامج ، أو تلك التي لا زالت تعمل وفق ظروف ومتغيرات لا وجود لها في بيئة أخرى ، ومع كل هذا فإن الخدمة المصرفية تتوافق وتتلاءم مع أي نظام تسويقي يتم استخدامه.
4.الخصوصية والتميز في الخدمة: مهما كانت الجهة المقدمة فإن مسمياتها وصفاتها وصفاتها واحدة ، ولكن يفترض أن يحاول المصرف الواحد أن ينفرد بخدماته ومن ثم تمييزها بعمل متطور أو مسمى معين ما يمكن من خلاله تمييز هذه الخدمة عن خدمات المصارف الأخرى ، ففي السلع الملموسة يسهل التمييز بين وحدة وأخرى عن طريق شكلها وتسميتها والأشكال التي عليها أو من خلال أية مؤشرات أخرى يمكن إدراكها ، وهذا ما ينعدم تماماً في الخدمات ، ما يعني أن خدمة ما – كاستخدام البطاقة الائتمانية في البيع والشراء- يمكن تكييفها وتطويرها على نحو قد تتميز فيه عن الخدمات الائتمانية في المصارف الأخرى ، كالسعة والمدى في الاستخدام ، وتحديد حد أعلى وأدنى للمبلغ المتعامل به وعدم تحديد فترة زمنية محددة لصلاحية استخدام البطاقة هذه وظواهر أخرى تسعى المصارف إلى استخدامها بغية كسب الخدمة خصوصية معينة وبما يمكن من تمييزها عن خدمات المصارف الأخرى
5.المدى الواسع للخدمات: إذا كانت الخدمات الأساسية للخدمات المصرفية قد باتت معروفة لدى إدارة المصارف أو الزبائن فإن هذه الخدمات قد اتسمت بالمدى الواسع والشمولية على الرغم من أنها تقدم وتعرض بمعدلات وكفاءة متباينة تبعاً لطبيعة الجهاز المصرفي والبيئة التي يعمل فيها ، فقد تكن المصارف شمولية في تقديم كل الخدمات المصرفية المطلوبة ، إلا أن مدى
تقديم هذه الخدمات قد يتسم بالمحدودية ، فانتقال الأموال عن طريق التحويل الخارجي سمة تتصف بها غالبية المصارف ، لكن هناك مصارف ليست لها قدرة أكثر من تحويل المبالغ إلى دول معينة وبطريقة حذرة وبطيئة مقابل مصارف أخرى لا تعرف الحدود في عمليات التحويل الخارجي ، ولها مدى واسع في العمل المرن هذا.
6.التشتت الجغرافي: نظراً لتنوع الحاجات والطلبات وباتت الاستعانة بالمصارف من المسائل الحتمية فإن الانتشار الواسع للمصارف وتقديم الخدمات من خلالها سمة واضحة في مختلف المجتمعات في العالم ، وهذا ما سهل من توزيع الخدمات المصرفية وانتقالها إلى المستفيد وبالقرب من موقع عمله ووفق احتياجاته ، وكذلك تنوعت الخدمات من خلال عمليات التسويق المنزلي والمصارف المتنقلة والموسمية التي تظهر وتعمل في مواسم خاصة تشهد تدفقات بشرية كمواسم السياحة والسفر.
7.الموازنة ما بين النمو والمخاطرة :صحيح أن العمل المصرفي يستند على مبدأ الثقة في التعامل ، ولكن هناك حقيقة يفترض إدراكها والتي تكمن في أن التوسع والنمو في العمل المصرفي وفي عملية جذب الأموال ومن ثم استثمارها وتنوع مصادرها سمة واضحة ، إلا أن المخاطر التي ترافق النشاط الخدمي المصرفي هي الأخرى قد تحدث بسرعة وعلى نحو له تأثيره السلبي على هيئة وكيان المصرف ودوام واستمرار عمله ونشاطه ، ما يعني الموازنة بين النمو والمخاطرة والتي عدت من المسائل الضرورية التي لا يمكن إغفالها في هذا القطاع
8. التقلبات في الطلب: الخدمات المصرفية لا يمكن أن تظهر من دون وجود الطلب عليها ، هذا الطلب قد يتخذ شكلا بعدم الاستقرار بسبب التباين في الظروف وتنوع الحاجات ، عليه فإن التقلبات في الطلب تبدو من السمات الواضحة والتي تظهر لظروف معينة أو لظواهر سوقية معينة لها تأثيراتها على القطاع المصرفي ، ولا يشترط أن تكون كل أنواع الخدمات تحت طائل التقلبات ، وإنما قد تشهد قسماً منها حالة الاستقرار لفترة زمنية طويلة نسبياً وأخرى عكس ذلك
9. المسؤولية الائتمانية: وهي مسؤولية تنبع أصلاً من مسؤولية المصرف تجاه الزبائن وبمختلف صور التعامل ، وهذه الناحية باتت في حكم المهام الأساسية لدى المصرف والتي لا تحتاج إلى نقاش أو جدال ، وإلا فإن عدم التأكد من المسؤولية الائتمانية للمصرف فإن الطرف الثاني والمتمثل بالأفراد أو المنظمات أو أية جهات أخرى غير مستعدة للمغامرة والمخاطرة بأرصدتها وأموالها في مرافق لا تضمن المسؤولية الائتمانية. 10. كثافة العمل: يتميز العمل المصرفي بدرجة عالية من الأعمال المتواصلة والمنوعة ، سواء كانت العمليات التي تنجز بمعدلات وصفقات عالية أو واطئة ، وهذا من شأنه أن يزيد من كلفة العمل هذه ، وعلى الرغم من التوجهات الحديثة نحو استخدام التقنيات الحديثة والآلات والبرامجيات وما ترك ذلك من نتائج إيجابية على التعاملات المصرفية إلا أن ذلك لا يعني الحد من كثافة العمل ، بل العكس زاد منه ولو كان عن طريق الوسائل والابتكارات الحديثة ، كما أن التوسع في التعامل الدولي وتوسيع رقعة العمل ترك أثراً واضحاً على كثافة العمل.