تسعيرة الجنيه المفقود "٩٩٩" سببت جدل كبير  داخل براند ملابس مشهور: تهرب ضريبي أم حيلة تسويقية

تسعيرة الجنيه المفقود "٩٩٩" سببت جدل كبير داخل براند ملابس مشهور: تهرب ضريبي أم حيلة تسويقية

0 المراجعات

القصة وما فيها

   داخل أحد محلات الملابس الشهيرة في شوارع وسط المدينة، جاء صوت العامل صاحيًا بأن المتجر في حالة إغلاق لاقترابنا على منتصف الليل، فبدأت تحدث حركة ساكنة من النوع الذي تشعر بها لكنها لا تصنع بلبلة مؤثرة إلى أن تتحول لعاصفة قاتمة تبرز ملامحها أثناء اكتمال طابور طويل من المشترون الذين يتمركز وجودهم بكثرة للتسوق في أيام العطلة الأسبوعية، وفي أثناء انشغال كل فرد بالبحث عن فيزا المشتريات والوسواس القهري الذي يصيب النساء بشعور فقدان متعلقات فيتأكدون فورا أن كل شىء بمكانه في الحقيبة الشخصية، انتبهت لثرثرة قادمة من عند الكاشير بين البائع والزبون، ظن البعض أن الجدل حول مال أو سعر ولكن الصدمة جائت في الزبون الذي يطلب بحقه في الجنيه المفقود؛ اشترى ملابس بقيمة ٩٩٩ جنيه ويرغب في تناول باقي الألف جنيه الذي دفعها، “أين الباقي؟” ولسوء الحظ لا يوجد جنيه بجيب أي شخص لأنهم تعودوا على تلك التسعيرة التي لا تحتاج لحمل أي نقود صغيرة.

انشغل كل شخص في هاتفه والحديث مع بعضهم حتى أثار الزبون سؤال هام هو “طالما لا تملكون مال صغير فكة، ليه كاتبين المبلغ بهذا الشكل؟ فانتبه الجميع وأخذوا يفكرون بدون أن يبدو عليهم حتى أنا ففكرت بصوت باطني: "بديهي، كما درسنا واحنا صغيرين تهرب قانوني من ضريبة القيمة المضافة التي يتم فرضها على السلع التي تزيد قيمة الضريبة الخاصة بها بزيادة سعرها بمعنى أنه قبل تسعيرة الألف جنيه تنضم السلعة لفئة ضريبية أقل”.

والغريب هو استكمال الزبون لكلامه كأنه سمع خواطري ويرد عليها: “أكيد هذا الأمر ليس متعلقا بالضرائب لأنكوا ذكرتوا بالفاتورة أن السعر شامل الضريبة بالفعل” ففكرت أنا: “عندما درسنا لم يكن يوجد مثل كل تلك الأنوا ع من الضرائب المفروضة في الوقت الحالي التي جعلتنا في حيرة من أمرنا”.

لقد أحرج البائع وظهرت عليه علامات تردد كأنه لا يستيطع أن يبوح بالسر الحقيقي الذي قد يكون الوحيد أو المتضامن مع ما سبب ضريبة القيمة المضافة.

   أثناء انشغال العاملين بالتفكير في حل لتلك الإشكالية وإنقاذ هذه الورطة من أجل الشروع في غلق المحل قبل دقائق معدودة من حظر التجول، بدأ صياح جماعي فجأة يطالب فيه كل شخص بالجنيه حقه كباقي للحساب لمنتجات الحاضر والماضي أيضًا.

 

السر الحقيقي:

 هو حيلة تسويقية تعتمد على نظام تسعير “الجنيه المفقود أو الضائع” من أجل:

1. التأثير النفسي على المستهلك:

تستند هذه الاستراتيجية على ما يُعرف في علم النفس بتأثير "السعر النفسي" أو "Psychological Pricing". عندما يرى المستهلك سعرًا مثل 999 جنيهًا، يميل عقله إلى قراءة الرقم الأول فقط، فيركز على "900" بدلاً من "1000". على الرغم من أن الفرق الفعلي هو جنيه واحد فقط، إلا أن السعر يبدو أقل بشكل ملحوظ في ذهن المستهلك. هذه الحيلة البسيطة تجعل المنتج يبدو أكثر جاذبية ويزيد من احتمالية الشراء وفي الواقع جميعنا ننسى نضيف حساب المنتجات للارقام التي بعد أول رقم فنأخذ أول رقم في الاعتبار ونحن نقنع نفسنا في شراء مزيد من السلع.

2. الشعور بالحصول على صفقة جيدة:

الأسعار التي تنتهي بالرقم 9 تعطي المستهلك شعورًا بأنه يحصل على صفقة أفضل. المستهلكون يميلون إلى مقارنة الأسعار بشكل سريع، وعندما يرون سعرًا مثل 999 جنيهًا، يشعرون أنهم يدفعون أقل مما كانوا سيدفعونه لو كان السعر 1000 جنيه. هذا الشعور بالرضا يعزز من رغبة المستهلك في الشراء، حتى لو كان الفارق في السعر طفيفًا.

3. تعزيز القرارات العاطفية:

تشير الدراسات إلى أن القرارات الشرائية غالبًا ما تكون عاطفية بقدر ما هي عقلانية. الأسعار التي تنتهي بالرقم 9 تستغل هذا الجانب العاطفي من خلال جعل السعر يبدو وكأنه "عرض خاص" أو "فرصة لا تُفوّت". هذه الاستراتيجية تساعد في تحفيز المستهلكين على اتخاذ قرار الشراء بسرعة أكبر، دون التوقف طويلاً للتفكير في القيمة الحقيقية للمنتج.

4. أثر التسعير الجذاب على الانطباع العام:

التسعير الذي ينتهي بالرقم 9 لا يؤثر فقط على المنتج الفردي، بل يمكن أن يؤثر أيضًا على الانطباع العام الذي يتركه المتجر لدى المستهلكين. عندما يتكرر استخدام هذه الاستراتيجية عبر مجموعة واسعة من المنتجات، يمكن أن يخلق ذلك تصورًا بأن المتجر يقدم أسعارًا تنافسية وجيدة. هذا الانطباع الإيجابي يمكن أن يعزز من ولاء العملاء ويشجعهم على العودة للتسوق مرة أخرى.

5. التميز في السوق:

في بعض الأحيان، يتم استخدام الأسعار التي تنتهي بالرقم 9 كوسيلة للتنافس مع المتاجر الأخرى. في سوق مزدحم، قد يلجأ التجار إلى تخفيض السعر بمقدار جنيه أو اثنين فقط ليبدو سعرهم أكثر جاذبية مقارنة بالمنافسين. هذا التمييز البسيط يمكن أن يكون كافيًا لتحفيز المستهلكين على اختيار منتج معين على حساب منتج آخر.

خاتمة:

استراتيجية التسعير التي تنتهي بالرقم 9، مثل 999 جنيهًا بدلاً من 1000، هي تكتيك تسويقي ذكي يعتمد على فهم عميق لنفسية المستهلكين. من خلال جعل الأسعار تبدو أقل مما هي عليه في الواقع، يمكن للمتاجر والبراندات جذب المزيد من العملاء وزيادة المبيعات. على الرغم من أن الفرق في السعر قد يبدو طفيفًا، إلا أن تأثيره على قرارات الشراء كبير ومهم، مما يجعل هذه الاستراتيجية جزءًا لا يتجزأ من عمليات التسعير الحديثة.

من الجديد بالذكر أنه خلال تجربتي المتواضعة، تقوم تلك المحلات بأخذا المبلغ كامل بدون إعطاءك الجنيه المفقود ولكن إذا قمت بعملية إرجاع يعطونك المبلغ ينقصه الجنيه المفقود، يا للسخرية!

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

15

متابعين

4

متابعهم

2

مقالات مشابة